Friday, February 10, 2017

- إعادة إعمار #سوريا من الصفر تتطلّب ترليون دولار.. والصين في حالة انتظار





تُبيّن جميع الإشارات الصادرة عن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي الجديد على أتم الاستعداد ليولي أمر الصراع في سوريا كاملاً إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الذي سيتمتّع بمطلق الحرية للتوصل إلى مرحلة نهائية تروق له ما دام سيقضي على تنظيم الدولة الإسلامية (ISIS)، ويعمل على تمكين الأكراد السوريين، ويطرد إيران وحزب الله من ساحة المعركة السورية.

لكن، حتى وإن فعل ذلك، سيواجه بوتين مشكلة جوهرية كبرى، وهي جمع الأموال لعملية إعادة إعمار سوريا عند انتهاء الحرب، فالبلاد في حالة فوضى وتحتاج إلى ما يقدر بنحو مليار دولار أمريكي لاستعادة سوريا وإعادة إعمارها، وهو مبلغ من الواضح أنه لا يملكه، لا سيما بعد مغامرته في سوريا التي كلفت الخزينة الروسية ما لا يقل عن ثلاثة ملايين دولار يومياً منذ عام 2015.

هذا ولن تُقدِم دول الخليج الغنية بالنفط على دفع أي مبلغ لإعادة الإعمار في حال بقاء بشار الأسد في السلطة، ولن تفعل إيران كذلك، التي تكافح في الأصل اقتصادياً وتعمل على درء مواجهة محتملة مع دونالد ترامب.

لكن يبدو أن الصين جاهزة وقادرة على دفع نصيب الأسد من عملية إعادة الإعمار _ هذا في حال أُعطيت الحوافز الاقتصادية المناسبة_ إلى جانب دول أخرى في إطار منظمة البركس (BRICS)، وهي تجمعٌ مؤلفٌ من خمسة اقتصادات ناشئة وقوية وهي (البرازيل والهند وشمال أفريقيا بالإضافة إلى روسيا والصين بالطبع).

وتضم هذه المجموعة 20 عضواً يتميزون باقتصادات سريعة النمو، مشكلة ما يزيد عن 3.6 مليار شخص _ أي أكثر من نصف سكان العالم _ مع مجموع ناتج إجمالي محلي (GDP) يصل إلى 16.6 ترليون دولار أمريكي، وهذا يساوي حوالي 22% من الناتج الإجمالي المحلي في العالم.

ويرى بوتين في هؤلاء ثروة، كما يأمل في مساعدتهم على الاستفادة من أموالهم عن طريق استثمارها في عملية إعادة البناء في سوريا، وذلك مكافأة لهم على الوقوف إلى جانبه ورفض اتباع أساليب مختلفة في التعامل مع دمشق منذ اندلاع الصراع الحالي عام 2011.

وقد بدأ البعض منهم بالفعل بالتعامل مع السوريين تجارياً، متبعين بذلك نهج الرئيس الروسي. على سبيل المثال، قررت الهند الصيف الماضي بدء مشروع محطة توليد كهرباء بتكلفة 320 مليون دولار أمريكي، بإشراف من شركة (BHEL) المحدودة، كما قررت إقامة مصنع للصلب في مدينة حماة القديمة على نهر العاصي.

ومن جانبها، ما تزال الصين ملتزمة بإيمانها الراسخ في الحل السلمي للصراع السوري، مصرة على أن إسقاط الأنظمة عن طريق التدخل الأجنبي أصبح شيئاً من الماضي، فيما يعكس الموقف الذي اتخذته عام 1999، خلال عمليات القصف التي شنها حلف شمال الأطلسي في كوسوفو وحرب حلف الناتو عام 2011 في ليبيا.

وكانت الصين قد استخدمت بالفعل حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن مرتين، لإحباط القرارات التي تدعمها كل من فرنسا والسعودية ضد دمشق.

وفي شهر أغسطس/ آب الماضي، قام وفد صيني بزيارة دمشق، برئاسة الأدميرال “جوان يوفي”، رئيس مكتب التعاون العسكري الدولي تحت إشراف اللجنة العسكرية المركزية التي أشرفت على القوات المسلحة التي بلغ قوامها 2.3 مليون شخص.

وقد نشرت “غلوبال تايمز”، في يومية الشعب الرائدة والتابعة للحزب الشيوعي، مقالاً ذكرت فيه أن الصين أرسلت مستشارين متخصصين وطواقم عسكرية إلى سوريا، ليقوموا بتزويد الجيش السوري ببنادق القناصة وقاذفات الصواريخ.

كما أن الصينيين قلقون للغاية من العدد المتزايد لمسلمي الإيغور الصينيين المسلحين الذين يقاتلون إلى جانب الثوار السوريين في الشمال السوري، ويودون التأكد من أن حلفاءهم في دمشق مجهزون تجهيزاً جيداً عندما يتعلق الأمر بالقضاء على المسلحين.

وقد عاد أحد هؤلاء المسلحين، وهو مقاتل تلقى تعليمه في تركيا، عاد من حلب إلى تشينانغ  في شمال غرب الصين ليُلقى القبض عليه بينما كان يخطط لسلسلة من الهجمات الإرهابية. ووفقاً للمصادر، لم تدرك الصين مدى مشاركة الإيغور في القتال في سوريا سوى بعد إرسالها عميلاً مزدوجاً إلى المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة، والذي أبلغ السلطات في بكين أن ما لا يقل عن 300 من الإيغور يقاتلون في سوريا، ولذلك، تجد أن الصين تعتزم القضاء عليهم أو تسليمهم للوطن لخضوعهم لمحاكمات بوصفهم مجرمي حروب.

وكانت دمشق قد قدمت دعماً استخباراتياً قيماً للحكومة الصينية، بالإضافة إلى الكثير من الوثائق عن المقاتلين في سوريا وعن مواقعهم.

كما أن العلاقات الثنائية بين البلدين ليست جديدة وتعود إلى عام 1956،  عندما كانت سوريا، إلى جانب مصر، أول دولة عربية تعترف بجمهورية الصين الشعبية وترسل سفيراً إلى بكين.

في عام 1988،قامت الصين ببيع صواريخ من طراز M-9 إلى سوريا، لتبدأ بعد ذلك عام 1996 ببيع التكنولوجيا العسكرية أيضاً. وفي عام 2004، كان الأسد أول رئيس سوري يقوم بزيارة دولية إلى بكين.  وفي بداية الحرب السورية، احتلت الصين مرتبة الشريك الأكبر لسوريا، قبل روسيا، بصادرات بلغت قيمتها 2.4 مليار دولار أمريكي في وسائل الاتصال والمعدات الالكترونية والمعدات الثقيلة.

وقد استثمرت الصين بكثافة في مجال النفط في سوريا، مع امتلاك شركة النفط الوطنية التي تملكها الدولة الصينية للأسهم في اثنتين من أكبر شركات النفط في سوريا عاملتين في حقل حيان. وما تزال الصفقة التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات لاستكشاف حقول نفط أخرى وتطويرها قائمة، إلا أنها متوقفة حالياُ لأن جميع الحقول في أيدي تنظيم الدولة الإسلامية.

علاوة على ذلك، لم تغلق السفارة الصينية التي تقع على مرمى حجر من نظيرتها الأمريكية، أبوابها منذ اندلاع الصراع القائم. وما تزال تعمل على مستوى السفراء، مع إمكانية الوصول إلى الاتفاقات الاقتصادية. كما أن الفرص في حصولها على حصة كبيرة من عملية إعادة الإعمار عالية.

No comments:

Post a Comment