Wednesday, August 30, 2017

انتشار ظاهرة التسوّل في الشمال السوري... أسباب وحلول


أجبرت الأوضاع الاجتماعية الصعبة بريف إدلب الجنوبي، أم علاء «مبتورة القدم»، على التسول لساعات طويلة بهدف تأمين لقمة العيش لأطفالها التسعة، الذي لم يتجاوز أكبرهم الـ 10 سنوات.

ظاهرة التسول ليست جديدة على الشارع السوري، ولم ترتبط بالواقع الذي فرضته الحرب، لكن لأم علاء حالة خاصة، إذ أنها اتخذت من التسول وسيلة للعيش، نظراً لعدم وجود مُعين لها في الحياة، ولعجزها عن العمل.
تقول أم علاء أنها لم تتلقَ أيّة مساعدات إنسانية من المنظمات منذ أكثر من ستة أشهر، وأن أولادها لم يستطيعوا دخول المدارس والتعلم بسبب سوء أحوالهم الاقتصادية.

تفاقم الفقر مع بداية الثورة السورية نتيجة نزوح مناطق عدة في مختلف المدن السورية، فضلاً عن القصف وهدم الممتلكات.
فكان دخل العامل السوري عام 2010، ما يقارب الـ 160 دولار أمريكي شهرياً، ومع استمرار الثورة بدأ بالتناقص حتى وصل إلى الـ 50عام 2015، ويتناقص باستمرار بحسب منظمات حقوقية.
الأسباب:

أكد مدير الدفاع المدني في المركز 414 «خالد الحلبي» أن: «حالات الفقر والتسول أصبحت كبيرة جداً وأن هذه الظاهرة خطيرة إذا لم تتصرف الجهات المختصة بإيقافها».
وكشف «الحلبي» أن من أسباب انتشار التسول «البطالة وجشع التجار واحتكارهم للمواد الغذائية والغلاء في الأسعار فضلاً عن الحرب والنزوح».

وبحسب المنظمات المحلية فإن في إدلب وحدها توجد أكثر من مئتي امرأة متسولة ومئة وسبعين طفلاً، إذ تتراوح أعمار النساء بين الـ 20 عاماً والـ 40 والأطفال بين الـ 5 سنوات والـ 10.

وأفاد الناشط الإعلامي «إسماعيل الرج» لوكالة «قاسيون» أن: «بعد هجرة أهالي حلب إلى الشمال السوري، وازدياد الأعداد بشكل كبير، في ظل انعدام فرص العمل، كل هذا كان سبباً وجيهاً بانتشار هذه الظاهرة».
وتابع الرج: «الكثير من الأطفال يساعدون أهلهم في تأمين قوت العيش، عبر بيع العصير والبسكويت، والمحارم الورقية، في مدينة إدلب وأريافها».

وأبدى أحد الأخصائيين النفسيين (رفض ذكر اسمه): «الظاهرة وإن كانت مؤقتة، فهي تساهم بشكل كبيرة في نفسية الأطفال وتصرفاتهم مع طبقات المجتمع كافية، ولا بد للحد منها قبل أن تتبلور في سلوكياتهم».
حلول:
ومن خلال حديثنا مع إحدى المتسولات التي كانت متواجدة أمام أحد المساجد في مدينة إدلب، قالت إنها «خرجت للتسول للحصول على بعض المال وشراء الطعام لأطفالها بعد مقتل زوجها في إحدى المعارك»، مشيرةً إلى أنه «لو ساعدتني المنظمات الخيرية لما أقدمت على التسول».

وفي حديث خاص لوكالة «قاسيون» مع المستشار النفسي «بلال حوا» أكد أن: «ظاهرة التسول من أخطر الظواهر على المجتمعات، لأنها تحرم الطفل من أهم حقوقه، في الأسرة الطبيعية، ومقاعد الدراسة واللعب الذي يعد من أهم مكونات شخصية الأطفال».

وأضاف «بلال حوا» أن أغلب الأطفال الذين يتسولون هم «بعيدين عن الرقابة الأسرية، الامر الذي أجبرهم على تعلم ثقافة الشارع، أسوأ الأماكن التي تؤثر سلباً على شخصيتهم والأسرة والمجتمع، ليتطور الأمر ويكون إنسان مخالف للقانون، بحسب الدراسات العالمية، كما أنها دليل على جود خلل اجتماعي وحكومي».
وتابع المستشار النفسي حول الانعكاسات على المجتمع: «كل الدراسات تؤكد هناك تناسب طردي بين التسول وانتشار الجريمة في المجتمع، نتيجة تكوين الطفل ردة فعل سلبية تعود بنتائج كارثية».

وعلاج هذه الظاهرة وفقاً للمستشار: «تضافر المجتمع بالكامل، وإعادته إلى مقاعد الدراسة وتأمين فرص عمل للأهالي للقيام بواجباتهم تجاه الأطفال، فضلاً عن تأمين دخل وإن كان بسيط لكن من شأنه مساعدة الأسرة».

وذكر «بلال حوا» أنهم ساهموا في محاربة هذه الظاهرة في الأراضي التركية أثناء عمله في الحكومة المؤقتة، لافتاً إلا أنهم «أخذوا الأطفال من الشارع ووضعوهم في مدارس داخلية، وحرموا الأهل منهم، بعد توجيه إنذارين متتاليين، بالإضافة إلى تأمين كافة المستلزمات عبر ومعلمين مختصين ونفسين، ووجدنا أثار إيجابية كبيرة».

وفي تنويه أخير أشار المستشار النفسي أن «بعض الأطفال يعتبرون هذه الظاهرة مهنة»، إذ يعتبر عمله بأنه المسؤول عن الأسرة، لكنه سيشعر أنه منهار تماما لحرمانه من حقوق الطفولة.
ومن أهم الأسلحة التي من شأنها تدمير هذه الظاهرة وفقاً للمستشار هي إقامة: «ندوات وجلسات توعية للأهل، لإدراك حجم الخطورة لهذا الأمر».

وتحاول المجالس المحلية في المدينة، التقليل من ظاهرة التسول بوضع الأطفال في مدارس مخصصة، وصرف رواتب شهرية لهم، وأخذ النساء إلى معاهد تعليمية مثل معاهد الخياطة والتمريض ومعاهد مختلفة كي تستطيع العمل وجني المال وترك التسول.

No comments:

Post a Comment